يمثل السوق العقاري في اليونان حوالي 25 - 35٪ من إجمالي الاستثمارات الأجنبية في جميع القطاعات في الدولة سنويًا، ووفقًا لآخر التقارير التي تم نشرها، فإن قطاع العقار اليوناني يمر بفترة إيجابية للغاية فاقت التوقعات، حيث بلغ صافي الاستثمار الأجنبي في اليونان لسوق العقارات في عام 2021 ما قيمته 1.1 مليون يورو، وذلك بزيادة وصلت 34.4٪ عن العام السابق، وفيما يلي نظرة شاملة حول تطور القطاع العقاري في اليونان عبر السنين إلى يومنا هذا.
منذ بداية فترة التسعينات إلى عام 2008، تطور سوق العقار اليوناني إلى جانب التوسع الاقتصادي الذي شهدته البلاد، وقد أدت الظروف المالية العالمية التي تمثلت بمعدلات الفائدة المنخفضة وزيادة في الدخل المالي للأسر، إلى ازدياد في النشاط الاقتصادي الذي تمثل في ارتفاع نسب ملكية العقارات من قبل المستثمرين الذين وجدوا فيها فرص جذابة وآمنة تعود عليهم بمكاسب مالية مجزية، ونظراً لهذا الاقبال فقد أفاد وكلاء العقارات بارتفاع أسعار المنازل والمشاريع القريبة من المناطق الساحلية بنسبة 30٪ إلى 40٪ في عام 2004، بينما شهدت أسعار المنازل في العاصمة أثينا ارتفاعاً بنسبة 11.2٪ في عام 2006.
ومع تزامن الأزمة المالية العالمية في عام 2008، سعت الحكومة والسلطات المعنية في اليونان إلى اتخاذ خطوات جدية وحازمة لمداركة الوضع، ولعل أبرز هذه الإجراءات هي إطلاق برنامج الإقامة الدائمة في اليونان عن طريق الاستثمار العقاري، حيث قامت الحكومة اليونانية بالإعلان عن هذا البرنامج في عام 2013 لتعزيز اقتصاد الدولة والذي يتيح الفرصة للمستثمرين وأفراد أسرهم المؤهلين للحصول على الإقامة الدائمة، وقد أظهر العديد من المستثمرين حول العالم اهتمام كبير بهذا البرنامج حيث استقطب مستثمرين من الصين وروسيا ودول عربية ودول أخرى خارج الاتحاد الأوروبي، وساهم البرنامج بتدفق أكثر من 1.5 مليار يورو إلى سوق العقارات اليوناني في السنوات الخمس الماضية فقط، كما كان له دور كبير بإحياء قطاع الإنشاءات البنائية الذي لعب دوراً بظهور مشاريع وأبنية جديدة في مناطق كانت غير مأهولة بالسكان خلال الأزمة وأصبحت الآن تزخر بمختلف أنواع العقارات السكنية والتجارية التي شكلت قفزة سريعة في السوق العقاري اليوناني وساهمت بتطويره نتيجة للإقبال الذي تشهده من المستثمرين الذين يرون فيه فرصة واستثمارا طويل الأمد من خلال تحقيق عائد مالي منه.
ومع بداية عام 2017 بدأت اليونان بدخول مرحلة من التعافي وتعزيز الثقة في الوضع الاقتصادي، والذي شوهدت آثاره على جميع القطاعات والأصعدة، من زيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي، وانخفاض في مستويات البطالة وعودة ثقة المستهلك إلى الأمام، وبدأ الوضع الاقتصادي بالنمو تدريجياً بنسب واعدة وصلت 1.5٪ في 2017 و 1.9٪ في 2018 و 2019. وبعد جائحة كورونا ومع الانفتاح التدريجي للعالم وتقليل القيود على الحركة إضافة إلى التسهيلات التي فرضتها المؤسسات على المستثمرين، كانت اليونان من الدول التي تمكن من الصمود في وجه الأزمات ولوحظ انتعاش في النشاط الاقتصادي من جديد، وكان لقطاع السياحة والعقارات النصيب الأكبر من هذا التحسن، حيث استقبلت الدولة 8 مليون مسافر تقريباً خلال النصف الأول من هذا العام فقط، ووفقاً لآخر البيانات التي نشرت، فقد بلغت مبيعات السوق العقاري في اليونان 374 مليون يورو خلال الربع الأول فقط من عام 2022، بزيادة وصلت 74.8% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، هذه النسب والأرقام تشير إلى قدرة اليونان كدولة ومؤسسات على الصمود أمام الأزمات والمصاعب لتوفر للمستثمرين بيئة آمنة لمشاريعهم واستثماراتهم ، جعلت منها الخيار الأكثر شعبية والمفضل لدى العديد من المهتمين بالاستثمار فيها من كافة أنحاء العالم والذين يتطلعون إلى تحسين حياة عائلاتهم والاستفادة من الفرص التي تعود عليهم بنتائج إيجابية.